بين الفتنة الطائفية .. الانتفاضة الثالثة .. والعبث الخارجي

الفتنة الطائفية. السلاح الاخير

كنت قد كتبت سابقا عن الفزاعة الجديدة التي يريد فلول النظام السابق واعداء هذا الوطن من داخله وخارجه من خلقها وهي فزاعة الاسلاميين كلهم واطلقت عليها “فزاعة اصحاب اللحى “, وها قد اثبتت الايام صدق ما ظننت, وقد بدأت باقي فصول المؤامرة تتضح, تلك المؤامرة التي يقف ورائها بلا شك فلول النظام واعداء الوطن من الخارج, من فتنة طائفية , ودعاوى لمليونيات حدودية, قد تؤدي بالبلد الى الهاوية,واني احاول بهذه المقالة بعد الاستعانة بالله تعالى ان ابين ما يخوفني وظنوني للسيناريوهات التي قد تحدث, وقل عني مجنونا اذا شئت ولكني كل ما احاول ان افعله ان اضرب بذلك ناقوس الخطر, واسئل الله ان يخيب ظني , وان تمر مصر من هذه الازمة بسلام. وما اكتب هذا الكلام الا حبا في الله ثم حبا في الوطن وخشية عليه من ايدي الاعبين والعابثين, وراجيا من الله ان يصل الى اذن مصغية تستطيع ادراك الموقف قبل فوات الاوان.

[1]

 قلت لبعض اصدقائي حينها ان ما يحدث هو محاولة خلق فزاعة جديدة, وهذا الخلق يتبعه خطوات ويترتب عليه امور, اما الخطوات التي تتبع خلق الفزاعة فهي ايجاد فتنة طائفية واحتقان طائفي, هدفة تضخيم الفزاعة وخلق خوف داخلي  -بين المسيحين والمسلمين سواء – وخوف خارجي, خصوصا ان صورة اي انسان بلحية وجلباب تذكر الغرب بالقاعدة.

وقد بدأت خطوات هذه الفتنة فعلا , واخرها كان احداث امبابة التي قام بها اناس لا ينتمون لدين او لوطن, مستغلين الانفلات الامني, وغياب الشرطة المتعمد , وجهل الشعب وعاطفيته تجاه دينه, ليدفعوا بالفتنة الطائفية خطوات اضافية للامام, واني اتوقع احداث مماثلة اخرى في المستقبل يستغل فيها جهل الناس, والاحتقان الموجود اصلا بين طوائف المجتمع, والذي زرعه النظام السابق, وها نحن نجني ثماره.

ارجوا الا يظن انسان ان ما حدث هو وليد الصدفة او ان السبب فيه هو الثورة, انما السبب في ذلك هو اننا فعلا نجني ثمار ما زرعه النظام السابق, من احتقان وجهل وفقر , قضى على الاخضر واليابس, والذي يحدث هو للاسف شئ طبيعي في ظل اجواء ملتهبة بالاحتقان والافكار الملتوية الخاطئة, لا تحتاج إلا الى شرارة اطلاق ومسعرين للنار في جو امتلاء بغازات محترقة.

قد يقول قائل هل نسيت التحرير, واني والله ما نسيت ولكني أظن – والله اعلم – ان ما حدث في التحرير من اعتدال ونبل في اخلاق الشعب المصري  انما حدث لان الشعب التف حول هدف محدد وهو هدف ازالة راس النظام السابق, فنسي خلافاته واهواءه وفروقاته الشخصية من اجل الهدف, وسمى فوق الرذائل التي زرعت فيه عبر ثلاثين سنة من الفساد, حتى حلق في افاق النبل والخير, اما وقد زال هذا الهدف ولم يوجد هدف اخر, عاد الشعب الى ارض الواقع, الى مشاكله اليومية الى احتقاناته التي لم تزل بعد موجودة.

والهدف في رايي من دفع هذا الاحتقان واظهار هذه الفزاعة وما قد يترتب عليه, ان يؤدي الى واحد من اربع امور, ان لم تكن على انفرادها فقد يجتمع بعضها مع بعض في هدف واحد:

  1. خلق حرب اهلية داخلية بين ابناء الوطن الواحد, والله اسئل الا يحدث هذا ابدا, لنصبح عراقا اخرى يسهل اللعب بها وتقسيمها.
  2. عودة النظام السابق بشكل اخر وحلة جديدة بعد ترحم الناس عليه مما طالهم من لهب الارهاب وحرق الفتنة.
  3. خلق نوع من الاحتقان الديني الشديد مما يؤدي الى الناس اتهام الدين نفسه – اسلامي ومسيحي – بانه السبب في تخلف البلاد , ومما يؤدي بالتبعية الى زيادة قوة التيار العلماني الرافض للدين بالكلية– وليس كل التيارت العلمانية او اصحاب الفكر العلماني على هذه الشاكلة ولكن هذه الشاكلة موجودة – مع استعانة قوية بالخارج, لخلق نموذج علماني اشبه بنموذج “اتتاترك” في تركيا , وهو النموذج العلماني الذي يحتوي على قدر ما من الديمقراطية والتقدم الا ان سيفه وجلاديه منصوبين ومصبوبين على ايدي كل من يتكلم بالدين, وهو نموذج لا يعادي اسرائيل لا من قريب ولا من بعيد, ويفيد ويقوي موقفها في المنطقة.
  4. التدخل الخارجي القوي والعنيف في مصر على الخصوص وفي المنطقة على العموم لصياغة دول وسياسيات تخدم مصالح امريكا واسرائيل في المنطقة, ولا استبعد ان يتضمن هذا التدخل التدخل العسكري, وما اظن ان اعلان خبر موت “بن لادن” في هذا التوقيت على وجه التحديد لم يكن الا لهدفين. الاول: هو ان “اوباما” لم ينفذ اي شئ من سياساته التي وعد بها, وكانت ادارته تحتاج الى كرت رابح يعبر بها الى الاربع سنين القادمة من الانتخابات. ثانيا: وجود سبب قوي لسحب القوات من افغانستان , ووضعها على اهبة الاستعداد لما هو ات, ولما قد يحتاج اليها فيه من اي تدخل عسكري.

[2]

الانتفاضة الفلسطينية الثالثة. وقد يسئل قائل ما دخل الانتفاضة الفلسطينية الثالثة وما يحدث الان, اقول له ان العلاقة وثيقة وان بدت بعيدة.

اقول انها مع نبلها وجمال فكرتها , الا اني ارى انها تنقسم الى شقين اساسيين, الشق الاول وهو الشق المقبول وهو اعادة احياء قضية فلسطين الحبيبة في النفوس ووجود مظاهرات ومطالب توضع امام الحكومات لينفز بعضها في توه مثل قطع الغاز عن اسرائيل وليكون بعضها لاحقا ولتوضع هذه القضية في خطط الحكومات واستراتيجياتها بالشكل المطلوب, ولاعادة القضية الفقلسطينية الى الواجهة, وتذكير الناس بها, وتوحيد الامة العربية والاسلامية على قضية جامعة. ولكن هنالك شق خطير , الا وهو الفكرة المجنونة التي روج لها بخروج الناس بالملايين الى حدود البلاد (بلدان الطوق) المجاورة لفلسطين وعمل المظاهرات هناك. مما سيؤدي بالتبعية الى امر من امور ثلاثة:

  1. منع جيوش هذه البلاد لافراد شعبها بالقوة من الذهاب الى هناك – اي الى الحدود – مما سيزيد الاحتقان بين الشعوب والجيوش, وهو شئ يحاول الكثيرين من فعله في مصر منذ إندلاع الثورة وحماية الجيش لها, وفي مصر تحديدا قد يؤدي هذا الى حدوث الوقيعة بين الجيش والشعب والقضاء على الثورة.
  2. عدم تدخل جيوش البلدان وترك الثوار يتظاهرون على الحدود, وهو امر مستبعد الا انه لو حدث فقد يترتب على المظاهرات الحدودية , حدوث رد فعل عنيف من الجيش الاسرائيلي تجاه الثوار بغية حماية حدوده وخوفا على نفسه , مما سيؤدي الى وضع البلدان العربية وجيوشها في مأزق لا تحسد عليه, مما يغرق الطين ولا يزيده بلة فقط في كلا من العلاقات الداخلية والخارجية.
  3. عدم حدوث اي شئ من الطرفين , لا من جيش مصر او جيش اسرائيل , ولكن حدوث شئ اخبث, وهو في ظني الغالب الذي قد يحدث, وهو استنجاد اسرائيل بالخارج والامم المتحدة عموما وامريكا خصوصا.

قد تقول لي ما علاقة هذا بالفتنة,وتظن اني مجنون او غارق في نظرية المؤامرة ,فاقول لك انك لو نظرت لوجدت ان بعض مسيحي مصر – وليس كلهم لان من مسيحي مصر من هم اكثر وطنية من ملايين المصريين – انطلقوا او دفعوا اما بواسطة الفلول او واسطة الخوف او اي كانت الواسطة, واستنجدوا بامريكا تحديدا, سواء بالمظاهرات المطالبة بذلك, او الاعتصام امام السفارة الامريكية, فهو نداء من الداخل يدعوا امريكا للتدخل. فان قلنا لامريكا وغيرها هذا شأن مصري داخلي, جاء نداء اخر من الخارج من اسرائيل تهلل وتقول احمونا ممن يريد اقتحام حدودنا, واحب ان اؤكد ان معظم من يريدون الخروج على الحدود ستجدهم من التيارات الاسلامية المغيبة , وسيكون في وسطهم العديد من اصحاب الجلابيب واللحى. وبهذا نكون قد قدمنا مصر على طبق من فضة لعدوها يفعل بها ما يشاء , فقد جاءته نداءات من الداخل والخارج تدعوه للتدخل سواء سياسيا او عسكريا لنجدة مصر من براثن التطرف!!!

وان قلنا ان الجيش عليه حل المشكلة فساعتها ان اراد الجيش ان يحل المشكلة فلن يكون امامه الا ان يبطش ويعتقل في كل من يتظاهر او يشتبه فيه, لتحدث الفرقة بين الشعب والجيش, او ليعود النظام السابق كما كان!!!

[3]

وانا هنا لست ضد التعامل مع اسرائيل على انه عدو غاصب تجب محاربته , ولكن قال ربنا “واعدوا لهم ما استطعتم من قوة” بالله عليكم, اين هذا الاعداد, في بلد بدون رئيس وبرلمان ودستور بعد؟؟؟

وللخروج من هذه الازمة اظن انه يجب عاجلا ان يتم:

  1. اصدار قانون دور العبادة الموحد باسرع ما يمكن والذي ينظم التعامل مع دور العبادة ايا كانت (مساجد او كنائس) من حيث التفتيش, والمراجعة, وقوانين البناء, ومواعيد العمل (الفتح والغلق), واماكنها …الى اخره
  2. تطبيق القانون على الجميع بقوة وبحزم لا فرق في هذا بين مسلم ومسيحي او شيخ او قسيس, فالكل يخضع للقانون والكل يحاسب اما القضاء المصري, فلا يحاسب القس امام المجلس الملي ولا يحاسب الشيخ اما مشيخة الازهر في امور مدنية تخص الوطن ويعاقب عليها القانون.
  3. جلوس القيادات الكنسية المسيحية والاسلامية الدعوية مع بعضها واخراج ما في الصدور بصدق وصراحة حتى تهداء النفوس وتستقر الامور مع تحقيق اي مطالب للطرفين لا تتعارض مع القانون ومصلحة البلاد, وليس مجرد اخراج صور لقس وشيخ يقبل بعضهم البعض مع بقاء ما في الصدور في الصدور.
  4. صدور قوانين رادعة تصل الى حد الاعدام لكل من تسول له نفسه ان يقوم بالتعدي على دار عبادة.
  5. الوقوف في وجه ايه دعوى مجنونة قد تؤدي بالبلد الى الهاوية مثل موضوع الخروج على الحدود وحدوث المظاهرات هناك.
  6. خلق هدف جامع للوطن والامة تلتف حوله وتعمل من اجله, فاي امة بلا هدف واحد تتشرذم ووتقاتل فيما بينها, وليكن هذا الهدف مشروع قومي مدروس يقود مصر الى الامام كما يطمح ابناءها.

اما اصلاح التعليم واصلاح الاقتصاد وغيرها من الاصلاحات الاخرى فهي قد تحتاج بعض الوقت , وان كانت ملحة وعاجلة الا انها من الامور التي تحتاج وقتا وبحثا وترتيبا لاصلاحها.

والله اسئل ان يحفظ مصرنا الحبيبة من كل سوء امين

  1. #1 by أحمد عبد الرحيم on ماي 16, 2011 - 12:52 مساءً

    تحية طيبة لكاتب المقال الرائع، وإن لم يكن لدي تعليق أو ملاحظة على ما ذهبت إليه من تحليل، فإنني أتفق مع معظم ما جاء فيه، إلا أني ألمح بين سطور المقال أنامل كاتبٍ موهوب، له رؤية؛ لذلك فأنا أدعوك أولا لزيارة مدونتي جبهة التوعية بأهداف الثورة والاطلاع على ما بها من مقالات
    http://gabhataw3ya.blogspot.com/

    وثانيًا، أتمنى أن يكون بيننا نوع من التعاون الثقافي، كتبادل المقالات في المدونتين، أو أي شيء آخر قد تقترحه أنت.

    وأتمنى لك التوفيق والسداد.
    أحمد عبد الرحيم
    باحث دكتوراه في اللغة العربية واللغات الشرقية

    • #2 by فالصميم on ماي 18, 2011 - 5:15 مساءً

      استاذ احمد, اولا أسف لتاخري في الرد عليك, وشكرا لإطرائك الطيب الذي لا اظن اني استحقه, فكلمة كاتب موهوب تطلق على الكتاب اصحاب القلم السيال والفكر المستنير, اما انا فلا ازيد عن كوني شخص يحاول ان يسطر خواطره بين الحين والاخر, في محاولة لفهم مجريات الامور وايصال ما اظن انه الصواب الى غيري.
      سوف احاول الاضطلاع على مدونتك “جبهة التوعية باهداف الثورة” بقدر ما يسمح الوقت, وان كنت قراءت مقالة او اثنين من نفس المدونة مسبقا, دون العلم انها تابعة لفرد بعينه.
      وبالنسبة للتعاون الثقافي فانه يشرفني ذلك, وانا في انتظار اي مقترحات تجود بها.

  2. #3 by أحمد عبد الرحيم on ماي 19, 2011 - 10:58 صباحًا

    نفع الله بك، وأنا أرى أنك أهلا لما ذكرتُ.. وأقترح عليك: الانضمام لنا ككاتب من كتاب جبهة التوعية، والمساعدة في نشر ما تراه نافعًا فيها، وأتمنى أن تقبل نشر مقالاتك عندنا، ولكنك لم تذكر لنا اسمك الكريم حتى ننسبها لقائلها. ولست وحدي من يكتب في المدونة وإنما أنا أحد كتابها وأقلهم علمًا، ونحن جميعًا باحثون أكاديميون في التراث العربي، يسوءنا ما نراه من واقع ثقافي وعلمي وصحفي لا يليق بأمتنا ووطننا وحضارتنا وتراثنا، وكان هذا أهم الدوافع التي أنشأنا من أجلها هذه المدونة، وكل زملائي – فيما أعلم عنهم- لا يريدون من أحدٍ جزاء ولا شكورًا، وأتمنى أن أكون مثلهم. وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.

    • #4 by فالصميم on ماي 25, 2011 - 2:01 مساءً

      يا استاذ احمد جزاك الله خيرا على ما قلت. نعم من الممكن ان تنشر ما اكثتب مع نسبه للمدونة (فالصميم) ووضع الرابط الاصلي.
      انا لا احب ان اذكر اسمي حتى الان لامرين:
      1- حتى يكون من يقراء المقال ممن يعرفني او لا يعرفني يقراءه بحيادية.
      2- ثانيا انما اكتب لوجه الله فان اصبت فمن الله , وان اخطاءت بالله سترني وراء اسم المدونة وكفاني فضيحة بسوء فهمي اما نفسي.

      فان ارتأيت في يوم من الايام لتغير الامر الاول لا الثاني الحاجة لذكر اسم صاحب المدونة فسوف افعل.
      وفقني الله واياك ومن يعمل ابتغاء وجه الله لكل خير

اترك رداً على فالصميم إلغاء الرد